فصل: تفسير الآية رقم (101):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآية رقم (101):

{رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)}
قوله عز وجل: {رب قد آتيتني من الملك} فيه أربعة أقاويل:
أحدها: أن الملك هو احتياج حساده إليه، قاله ابن عطاء.
الثاني: أراد تصديق الرؤيا التي رآها.
الثالث: أنه الرضا بالقضاء والقناعة بالعطاء.
الرابع: أنه أراد مُلْك الأرض وهو الأشهر. وإنما قال من الملك لأنه كان على مصر من قبل فرعون.
{وعلمتني من تأويل الأحاديث} فيه وجهان:
أحدهما: عبارة الرؤيا. قاله مجاهد.
الثاني: الإخبار عن حوادث الزمان، حكاه ابن عيسى.
{فاطر السموات والأرض} أي خالقهما.
{أنت وليّي في الدنيا والآخرة} يحتمل وجهين:
أحدهما: مولاي.
الثاني: ناصري. {توفني مسلماً} فيه وجهان:
أحدهما: يعني مخلصاً للطاعة، قاله الضحاك.
الثاني: على ملة الإسلام. حكى الحسن أن البشير لما أتى يعقوب قال له يعقوب عليه السلام: على أي دين خلفت يوسف؟ قال: على دين الإسلام. قال: الآن تمت النعمة.
{وألحقني بالصالحين} فيه قولان:
أحدهما: بأهل الجنة، قاله عكرمة.
الثاني: بآبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب، قاله الضحاك.
قال قتادة والسدي: فكان يوسف أول نبي تمنى الموت.
وقال محمد بن إسحاق: مكث يعقوب بأرض مصر سبع عشرة سنة. وقال ابن عباس مات يعقوب بأرض مصر وحمل إلى أرض كنعان فدفن هناك. ودفن يوسف بأرض مصر ولم يزل بها حتى استخرج موسى عظامه وحملها فدفنها إلى جنب يعقوب عليهم السلام.

.تفسير الآيات (102- 104):

{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104)}
{ذلك من أنباء الغيب} يعني هذا الذي قصصناه عليك يا محمد من أمر يوسف من أخبار الغيب.
{نوحيه إليك} أي نعلمك بوحي منا إليك.
{وما كنت لديهم} أي إخوة يوسف.
{إذ أجمعوا أمرهم} في إلقاء يوسف في الجب.
{وهم يمكرون} يحتمل وجهين:
أحدهما: بيوسف في إلقائه في غيابة الجب.
الثاني: يعقوب حين جاؤوا على قميصه بدم كذب.

.تفسير الآيات (105- 107):

{وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107)}
قوله عز وجل: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} فيه خمسة أوجه:
أحدها: أنه قول المشركين الله ربنا وآلهتنا ترزقنا، قاله مجاهد.
الثاني: أنه في المنافقين يؤمنون في الظاهر رياء وهم في الباطن كافرون بالله تعالى، قاله الحسن.
الثالث: هو أن يشبه الله تعالى بخلقه، قاله السدي.
الرابع: أنه يشرك في طاعته كقول الرجل لولا الله وفلان لهلك فلان، وهذا قول أبي جعفر.
الخامس: أنهم كانوا يؤمنون بالله تعالى ويكفرون بمحمد صلى الله عليه وسلم، فلا يصح إيمانهم حكاه ابن الأنباري.

.تفسير الآية رقم (108):

{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)}
قوله عز وجل: {قل هذه سبيلي} فيها تأويلان:
أحدهما: هذه دعوتي، قاله ابن عباس.
الثاني: هذه سنتي، قاله عبد الرحمن بن زيد. والمراد بها تأويلان:
أحدهما: الإخلاص لله تعالى بالتوحيد.
الثاني: التسليم لأمره فيما قضاه.
{أدْعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتّبَعَني} فيه تأويلان: أحدهما: على هدى، قاله قتادة.
الثاني: على حق، وهو قول عبد الرحمن بن زيد. وذكر بعض أصحاب الخواطر تأويلاً (ثالثاً) أي أبلغ الرسالة ولا أملك الهداية.

.تفسير الآية رقم (109):

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109)}
قوله عز وجل: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى} قال قتادة: من أهل الأمصار دون البوادي لأنهم أعلم وأحلم. وقال الحسن: لم يبعث الله تعالى نبياً من أهل البادية قط، ولا من النساء، ولا من الجن.
{ولدار الآخرة خير} يعني بالدار الجنة، وبالآخرة القيامة، فسمى الجنة داراً وإن كانت النار داراً لأن الجنة وطن اختيار، والنار مسكن اضطرار.

.تفسير الآية رقم (110):

{حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110)}
قوله عز وجل: {حتى إذا استيأس الرسل} فيه وجهان:
أحدهما: من قولهم أن يصدقوهم، قاله ابن عباس.
الثاني: أن يعذب قومهم، قاله مجاهد.
ويحتمل ثالثاً: استيأسوا من النصر.
{وظنوا أنهم قد كذبوا} في {كذبوا} قراءتان:
أحدهما: بضم الكاف وكسر الذال وتشديدها، قرأ بها الحرميّان وأبو عمرو وابن عامر، وفي تأويلها وجهان:
أحدهما: يعني أن قومهم ظنوا أن الرسل قد كذّبوهم، حكاه ابن عيسى.
والقراءة الثانية {كُذِبوا} بضم الكاف وتخفيف الذال، قرأ بها الكوفيون، وفي تأويلها وجهان:
أحدهما: فظن اتباع الرسل أنهم قد كذبوا فيما ذكروه لهم.
الثاني: فظن الرسل أن ابتاعهم قد كذبوا فيما أظهروه من الإيمان بهم.
{جاءهم نصرنا} فيه وجهان:
أحدهما: جاء الرسل نصر الله تعالى، قاله مجاهد.
الثاني: جاء قومهم عذاب الله تعالى، وهو قول ابن عباس.
{فنجي من نشاءُ} قيل الأنبياء ومَن آمن معهم.
{ولا يُرَدُّ بأسُنا عن القومِ المجرمين} يعني عذابنا إذا نزل بهم.

.تفسير الآية رقم (111):

{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)}
قوله عز وجل: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} يعني في قصص يوسف وإخوته اعتبار لذوي العقول بأن من نقل يوسف من الجب والسجن وعن الذل والرق إلى أن جعله مَلِكاً مطاعاً ونبياً مبعوثاً، فهو على نصر رسوله وإعزاز دينه وإهلاك أعدائه قادر، وإنما الإمهال إنذار وإعذار.
{ما كان حديثاً يفترى} أن يختلف ويتخرّص، وفيه وجهان:
أحدهما: يعني القرآن، قاله قتادة.
الثاني: ما تقدم من القصص، قاله ابن إسحاق.
{ولكن تصديق الذي بين يديه} فيه وجهان:
أحدهما: أنه مصدِّق لما قبله من التوراة والإنجيل وسائر كتب الله تعالى، وهذا تأويل من زعم أنه القرآن.
الثاني: يعني ولكن يصدّقه ما قبله من كتب الله تعالى، وهذا قول من زعم أنه القصص.
{وهُدًى ورحمة لقومٍ يؤمنون} والله أعلم.

.سورة الرعد:

.تفسير الآية رقم (1):

{المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1)}
قوله عز وجل: {المر تلك آيات الكتاب} وفي الكتاب ثلاثة أقاويل:
أحدها: الزبور، وهو قول مطر.
الثاني: التوراة والإنجيل، قاله مجاهد.
الثالث: القرآن، قال قتادة. فعلى هذا التأويل يكون معنى قوله {تلك آيات الكتاب} أي هذه آيات الكتاب.
{والذي أنزل إليك من ربك الحق} يعني القرآن.
{ولكن أكثر الناس لا يؤمنون} يعني بالقرآن أنه منزل بالحق. وفي المراد ب {أكثر الناس} قولان:
أحدهما: أكثر اليهود والنصارى، لأن أكثرهم لم يسلم. الثاني: أكثر الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم.

.تفسير الآية رقم (2):

{اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2)}
قوله عز وجل: {الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها} فيه تأويلان:
أحدهما: يعني بِعُمد لا ترونها، قاله ابن عباس.
الثاني: أنها مرفوعة بغير عمد، قاله قتادة وإياس بن معاوية.
وفي رفع السماء وجهان:
أحدهما: رفع قدرهاا وإجلال خطرها، لأن السماء أشرف من الأرض.
الثاني: سمكها حتى علت على الأرض.

.تفسير الآيات (3- 4):

{وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)}
قوله عز وجل: {وهو الذي مَدّ الأرض} أي بسطها للاستقرار عليها، رداً على من زعم أنها مستديرة كالكرة.
{وجعل فيها رواسي} أي جبالاً، واحدها راسية، لأن الأرض ترسو بها، أي تثبت. قال جميل:
أُحبُّهُ والذي أرسى قواعده ** حُبًّا إذا ظهرت آياتُه بطنا

قال عطاء: أول جبل وضع على الأرض أبو قبيس.
{وأنهاراً} وفيها من منافع الخلق شرب الحيوان ونبات الأرض ومغيض الأمطار ومسالك الفلك.
{ومِنْ كُلِّ الثمرات جعل فيها زوجين اثنين} أحد الزوجين ذكر وأنثى كفحول النخل وإناثها، كذلك كل النبات وإن خفي. والزوج الآخر حلو وحامض، أو عذب ومالح، أو أبيض وأسود، أو أحمر وأصفر، فإن كل جنس من الثمار ذو نوعين، فصار كل ثمر ذي نوعين زوجين، وهي أربعة أنواع.
{يغشي الليل النهار} معناه يغشي ظلمةَ الليل ضوءَ النهار، ويغشي ضوء النهار ظلمة الليل.
قوله عز وجل: {وفي الأرض قطعٌ متجاورات} فيه وجهان:
أحدهما: أن المتجاورات المدن وما كان عامراً، وغير المتجاورات الصحارى وما كان غير عامر.
الثاني: أي متجاورات في المدى، مختلفات في التفاضل. وفيه وجهان:
أحدهما: أن يتصل ما يكون نباته مراً.
الثاني: أن تتصل المعذبة التي تنبت بالسبخة التي لا تنبت، قاله ابن عباس.
{وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان} فيه أربعة أوجه:
أحدها: أن الصنوان المجتمع، وغير الصنوان المفترق، قاله ابن جرير. قال الشاعر:
العلم والحلم خُلّتا كرَمٍ ** للمرءِ زين إذا هما اجتمعا

صنوانٍ لا يستتم حسنها ** إلا بجمع ذا وذاك معا

الثاني: أن الصنوان النخلات يكون أصلها واحداً، وغير صنوان أن تكون أصولها شتى، قاله ابن عباس والبراء بن عازب.
الثالث: أن الصنوان الأشكال، وغير الصنوان المختلف، قاله بعض المتأخرين.
الرابع: أن الصنوان الفسيل يقطع من أمهاته، وهو معروف، وغير الصنوان ما ينبت من النوى، وهو غير معروف حتى يعرف، وأصل النخل الغريب من هذا، قاله علي بن عيسى.
{يسقى بماءٍ واحدٍ ونُفَضّلُ بعْضَها على بعضٍ في الأكل} فبعضه حلو، وبعضه حامض، وبعضه أصفر، وبعضه أحمر، وبعضه قليل، وبعضه كثير.
{إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون} فيه وجهان:
أحدهما: أن في اختلاف ذلك اعتبار يدل ذوي العقول على عظيم القدرة، وهو معنى قول الضحاك.
الثاني: أنه مثل ضربه الله تعالى لبني آدم، أصلهم واحد وهم مختلفون في الخير والشر والإيمان والكفر كاختلاف الثمار التي تسقى بماء واحد، قاله الحسن.